بسم الله الرحمن الرحيم
ذات يوم كنت أتسأل عن سبب شاعرية طلبة الطب وكيف أنهم يتهوسون بالشعر
والخواطر بل يصلون حد الغوص في لباب الأدب وعلومه, فوضعت تغريدةً في موقع التواصل
الاجتماعي تويتر
ومن هنا بدات رحلة البحث ,
والجميل ما وجدته من تفاعل أسعدني من الأخت بدرية عمر , إذ قامت بإرسال بحث جميل :)
إليكم هو بعنوان أطباءٌ أُدباء.
أطباءٌ أُدباء
" لاحظت أن أكثر طلاب الطب والأطباء أيضاً يمتلكون موهبة في الكتابة ولديهم حس شاعري عالي ولطالما سحرونا بروعة أقلامهم .. ملاحظتي لهذا الشيء ومتابعتي للأشخاص الذين يمتهنون الطب او يدرسونه من خلال ( تويتر ) جعلتني أتساءل؟
ما السر ؟
وما العلاقة التي تربط الطب بالأدب؟
وكما ذكرتِ سابقاً هذا الأمر لا ينحصر على هؤلاء بل يمتد على نطاق عالمي أيضاً , فكم من طبيب مشهور عُرِفَ بحبه للأدب مثل آرثر كونان والطبيب الكاتب جورج ديهاميل وغيرهم كُثُر, ويمتد ذلك إلى عصرنا الحالي.
الروسي أنطوان تشيخوف أحد أفضل كتّاب القصة القصيرة على مستوى العالم كان يقول: " الطب زوجتي والأدب عشيقتي ".
الرابطة بين المجالين الأدبي والطبي قديمة جداً , وقد تجلى ذلك مع ظهور أفلاطون وسقراط وأرسطو وأبقراط , وفي تاريخنا العربي نجد ابن سينا والرازي والفارابي وغيرهم .
بدايةً ,, سألت أحد طلاب الطب (عبد الرحمن الكثيري) عن وجهة نظره في هذه العلاقة
وكان يمتلك قلماً رائعاً وهذا ما دفعني لسؤاله وما بهرني أكثر أن لديهم نادي طلابي
وُضع خصيصاً لهذا الغرض وأسموه " أطباء أدباء " ,, أعجبني الاسم واخترته عنواناً لموضوعي.
قال من وجهة نظره: الطبيب يتعامل مع حالات عاطفية أحياناً فبما أنه الطبيب عليه أن يعالج ويعطي أمل لهؤلاء المرضى فهو يحتاج لأن يُعبر عن ذلك فيلجأ للأدب والشعر , بعدها ختم حديثه بعبارة رائعة ...
[ إنما المشاعِرُ (ميمٌ) وَ (شاعر) ] !! والمقصود أن الشاعر يكتب من مشاعره ليكون شعره أجمل.
لطالما أقول هذا ( ما يخرج من القلب يدخل إلى القلب ).
بعد بحثي عن الموضوع بتفصيلٍ وتعمُق وجدت الارتباط بين الطب والأدب أشدُ وضوحاً منه بين باقي العلوم, وفي الوقت الذي ينظر فيه الجميع إلى الطب بصفته الجهة المعالجة لأي داء يصيب الإنسان فإن الأدب يظل هو المرآه المعاكسة للحالة الإنسانية وما تحويه من مشاعر.
ومما قرأت في أحد المقالات :
1- "علوم الصحة نتيجةً لتعقيداتها تحتاج إلى أدبٍ رفيع يساهم في ايصالها وتذوقها, وتذوق أسلوب أدبي ما بغض النظر عن موضوعه يعطي راحة نفسية للقارئ قد تسهم في فصله ولو مؤقتاً عن هموم قد تقوده إلى عقد نفسية" .
2- "الطبيب يستطيع أن يدرس طبيعة الإنسان عارية مجردة, إذ أن المرض يزيل كل تظاهر وكل تكلف" .
مما إستشفيته من هذه المقالة أن الأدب علاجٌ للنفوس بعد القرآن والدين طبعاً ,, هذه حقيقة ,فنحن كطلاب -على سبيل المثال- قد تتدهور نفسياتنا وقد نصاب بالكآبة أحياناً والسبب الضغط الدراسي وكمية المعلومات التي ندرسها وعندما نجد وقت فراغ نحاول قراءة كتابٍ ما وما نلبث بعدها أن نشعر براحة ونعود ونكمل ما كنا نفعله, ولا أنسى طلاب المراحل السريرية فما يرونه في المستشفى يثير عواطفهم ويستفز اقلامهم ويحثهم على الكتابة فيرتاحون بمجرد كتابتها ووصف شعورهم.
عذراً منك أختي أمجاد قد أكون خرجت عن الموضوع لكن أعتقد أن كل شيء يرتبط ببعضه ؟
ألا تعتقدين ذلك ؟
قد لا يعترف البعض بهذه العلاقة بزعمهم أنه كيف لتلك اليد التي تمسك المشرط تستطيع كتابة قصة أو قصيدة !! وكأن هذا الطبيب مجرد من الأحاسيس والمشاعر !! باعتقادي أنها سذاجة وتفكيرٌ سطحي فهؤلاء هم نفسهم الأشخاص الذين يرفضون فكرة تعدد المواهب.
نهايةً أقول:
أن الطب مرتبط بالنفس والمشاعر مما جعله سبباً حقيقياً ومقنعاً لارتباطه بالأدب, فأصبح الطب والأدب وجهان لعملة واحدة.
أشكر لكِ اختي أمجاد إتاحة هذه الفرصة لي للتوسع والتعمق لمعرفة السبب ,, سعدت بذلك جداً.
أختك: بدرية عمر "